تعريف الشهيد وتغسيله ودفنه في التابوت ووضع صورة على قبره
يسر إدارة تجهيز ودفن الوفيات في بلدية الكويت أن تهديكم أطيب تمنياتها، مقرونة بالشكر والتقدير لجهودكم الدائمة في خدمة الإسلام والمسلمين، ونظرًا للظروف المستجدة المتعلقة بمصير أسرانا، وخاصة بعد العثور على عظام بعض من قتل منهم على يد النظام العراقي البائد.
يرجى التكرم بتزويدنا بفتوى شرعية حول النقاط التالية؛ لتكون لنا ولكافة الإخوة المسلمين مرجعًا لا يمكن الحياد عنه أو العبث بمضمونه، وهي:
1- أ) تعريف من هو الشهيد؟
ب) هل كل ما ورد اسمه بلائحة الأسرى، والمرتهنين، والمفقودين يعتبر شهيدًا في حال موته؟
جـ) كيفية التعامل مع الجثث، أو الهياكل العظمية لهؤلاء الأسرى بعد العثور عليها ووصولها إلى الكويت لدفنها من حيث: تغسيلها وتجهيزها والصلاة عليها ودفنها؟
د) ما مدى مشروعية الدفن بالتابوت لبعض الجثث أو الهياكل العظمية التي تصلنا وهي مصابة بأمراض معدية، أو حفاظًا على حرمة الهياكل العظمية وعدم المساس بها وبعثرتها؟
2- ما مدى مشروعية وضع صورة شخصية للمتوفَّى على الشاهد فوق قبره؟
1- أ) الشهيد في عرف الفقهاء ثلاث مراتب، هي: شهيد الدنيا، وشهيد الآخرة، وشهيد الدنيا والآخرة.
فأما شهيد الدنيا والآخرة، فهو كل مسلم قُتل ظلمًا في قتال مع الكفار لإعلاء كلمة الله تعالى، مقبلًا غير مدبر، أو قتله البغاة، أو قطاع الطريق، سواء بالمباشرة أو بالتسبب، أو قُتل مدافعًا عن ماله أو دمه أو عرضه أو أهله أو دينه، وهذه المرتبة أعلى مراتب الشهادة، وهي الشهادة التي يحرز بها أهلها منازل الشهداء في الآخرة، ويطبق عليها حكم الشهادة في الدنيا، فلا يغسلون، ولكن يكفنون بثيابهم، أما الصلاة عليهم فقد اختلف الفقهاء فيها، واللجنة ترجح الصلاة عليهم.
أما شهيد الآخرة؛ فهو كل مسلم قتل ظلمًا في غير الحالات المتقدمة، أو مات دون قتل بسبب شدة إصابته، كالمطعون والمبطون، والغريق في غير معصية، وصاحب الهدم، ومن مات بالسل، ومن تردى من رأس جبل، والمرابط، وطالب العلم، ومن مات في الحج، والمجنون، والنفساء من غير زنا، واللديغ، وفريس السبع، ومن مات غريبًا عن بلده من غير معصية، والمرأة تموت وولدها في بطنها من غير زنا، فهؤلاء وأمثالهم في مرتبة دون المرتبة الأولى، فينطبق عليهم لفظ الشهيد حكمًا لا حقيقة، ولا يعاملون في الدنيا معاملة الشهيد، وعلى ذلك فيغسلون، ويكفنون، ويدفنون كباقي أموات المسلمين، ويصلى عليهم.
وأما شهيد الدنيا؛ فهو من قتل على يد الأعداء في القتال وقد غَلّ من الغنيمة، أو قاتل رياء، أو لغرض من أغراض الدنيا، فيكفن في ثيابه ولا يغسل، ويصلَّى عليه في القول الراجح؛ وأمره إلى الله تعالى.
ب) يطبَّق على هؤلاء ما تقدم من تعريف الشهداء ومراتبهم، وعلى ذلك فلا يمكن أن يعد كل من ورد اسمه في لائحة الأسرى والمرتهنين والمفقودين شهيدًا في حال موته، إلا من انطبقت عليه التعريفات السابقة، فإذا ثبت أنه مات في الأسر بسبب مرض أو غيره فهو شهيد الآخرة لأنه مات غريبًا، وإذا مات بقتل ظالم، فهو شهيد الدنيا.
جـ) إذا علم أن جثة المسلم التي عثر عليها غسلت قبل الدفن، أو أنها جثة شهيد لا يحتاج إلى تغسيل، فتدفن بلا تغسيل، وإن علم أنها جثة دفنت بغير تغسيل، وليست جثة شهيد لم يغسَّل، فإن كانت أعضاء متفرقة غير مكتملة، فقد اختلف الفقهاء في حكم تغسيلها قبل دفنها، فقال البعض بتغسيلها، ثم تكفينها ودفنها، وقال البعض بتكفينها ودفنها من غير تغسيل، وهذا ما ترجحه اللجنة، أما إن كانت الجثة كاملة الأعضاء، فإنها تغسَّل وتكفَّن وتدفن، ما دام ذلك ممكنًا، فإن تعذر ذلك فلا حاجة للتغسيل، ويصلَّى عليها في كل الأحوال في القول الراجح لدى الفقهاء.
د) موضوع دفن المسلم في التابوت مما اختلف الفقهاء في حكمه، فذهب الجمهور إلى كراهته لغير الحاجة، أما الدفن فيه لحاجة، كرخاوة الأرض، فيجوز، وفرق الحنفية بين المرأة والرجل في ذلك، فأجازوا الدفن فيه للمرأة مطلقًا لمزيد من الستر، فتوضع في قبرها ضمنه، أما الرجل فيكره دفنه في التابوت لغير حاجة، وأما دفنه فيه لحاجة فيجوز كقول الجمهور.
وعليه؛ فلا مانع من الدفن في تابوت الجثث أو الهياكل العظمية التي تصلكم وهي مصابة بأمراض معدية، حفاظًا على حرمة هذه الجثث والهياكل، وعدم المساس بها وبعثرتها، للحاجة.
2- لا يجوز وضع الصورة فوق الشاهد، ويكتفى في ذلك بوضع الاسم وتاريخ الوفاة أو الدفن.
والله أعلم.